مشاهدة أمك تتعرض للإهانة من أجل أن تأتي بالمال لاطعامك ,هو سبب كافي لأن يجعلك تغير حياتك , وتغير نظرتك للحياة , ربما ستتغير لأن تصبح سادس أغنى رجل في العالم.
أمانسيو أورتيجا , هل سبق أن سمعت بهذا الاسم من قبل ؟ لا أعتقد , طيب اذا ماذا عن اسم زارا ؟ في هذه التدوينة سأحكي لكم قصة الرجل الذي كانت أمه تعمل كخادمة في البيوت , فدارت الأيام فأصبح سادس أغنى رجل في العالم , هو أمانسيو أورتيجا صاحب شركه زارا. في فترة كانت الحرب الأهلية تطحن اسبانيا , وتركت خلفها قتلى وجرحى ومشردين بالآلاف , وبالضبط في شمال إسبانيا في ليون, ولد أمانسيو أورتيجا في 28 مارس 1936 , لم يولد أورتيجا وفي فمه ملعقة من ذهب , ولكن ولد من أب يعمل في السكك الحديدية , وأم تعمل كخادمة في البيوت , كانت أمه مضطرة للعمل , وتحمل الظروف القاسية لعملها كخادمة , من أجل أن توفر الطعام والعيش الكريم لأبنائها , كان العبء كبيرا على أسرته , و اضطروا للانتقال إلى أحد المناطق الصناعية , وفي أحد الأيام كان أورتيجا في السن الثالث عشر من عمره , يشاهد أمه في أحد محلات بيع المواد الغذائية وهي تتعرض للاذلال والاهانة , فقط لكي تطلب قرض من صاحب المحل , قرض لتطعم أبنائها لأن ليس لديها مال , كان أورتيجا يراقب بعينيه ذلك المشهد , وكان يبكي ويحترق من الداخل رغم أن عمره 13 سنه , هذا الموقف الذي بقي راسخا في ذهنه وهو في عمر 13 سنة ,تركه يقرر بعد ذلك ترك الدراسة , والعمل في أحد محلات الملابس , وكانت أول وظيفة له هي عامل توصيل ملابس , ولكن كان يقوم بتوصيل هذه الملابس الغالية الى الأثرياء والطبقات البرجوازية في المجتمع الإسباني , استمر في هذا العمل لفترة طويلة , وبعد عامين فقط أصبح أورتيجا من عامل توصيل الى مساعد خياط , فأصبح يكتسب خبرات كثيرة , وكان يراقب بعناية كيف يتم التصميم والخياطة وتجهيز الملابس , وعندما أصبح عمره 24 سنة و بسبب قدرته العالية في التعلم واكتساب خبرات جديدة والعمل الجاد والمتقن الذي كان يقوم به , تم ترقيته لمنصب مدير لأحد المتاجر, فأصبح أورتيجا يعلم كيفية رسم وتصميم الملابس وخياطتها , واكتشف بأن هذا المجال هو الذي سيبرع فيه. وفي أحد الأيام جاءته فكرة , الفكرة التي ستغير مصير حياته ومستقبله بالكامل , وهي فكرة تصنيع ملابس على الموضة لكل طبقات المجتمع , بسبب حسه التجاري الذكي أدرك أورتيجا أن الأثرياء هم فقط من يستطيعون تحمل تكاليف الملابس الغالية , ففكر خارج الصندوق , وجاءته فكرة , وهي تصميم الملابس على الموضة للطبقات المتوسطة , وهذه الملابس تكون مشابهة تماما للملابس التي يقتنيها الأثرياء , لكن هذه المرة العامل الذي تغير هو الثمن , ستكون الاثمنة في متناول الجميع , بدأ أورتيجا يتعرف على الزبائن الذين كان يعمل معهم ويوصل الملابس لهم , وبالخصوص الزباين الأثرياء , وبدأ يدرس سوق العمل , وقام بشراء مجموعة من الأقمصة بثمن قليل جدا , واستثمر كل أوقاته حتى أوقات فراغه في التصميم والتفصيل والتقطيع والخياطة , وكل ذلك كان يقوم به بنفسه , لأنه كان لا يمتلك آلات كالتي توجد في المصانع , وبعد فترة قصيرة تمكن أورتيجا من بيع أول مجموعة من ملابس النوم من تصميمه وإنتاجه الخاص بأثمنة رخيصة نسبيا في متناول الجميع , وهكذا انفجرت الخطة ونجحت الفكرة حيث أنه في فترة قصيرة من الزمن , تمكن من بيع كل التصاميم التي أنتجها بنفسه , واستطاع أن يجني أرباح لم يتخيلها , وقام باستثمار هذه الأرباح الكبيرة في افتتاح أول مصنع خاص به في سنة 1963 , وهو لم يتجاوز 27 من عمره , وكان المصنع متخصص في الملابس الداخلية وقمصان نوم وملابس أطفال , حيث أمن هذا المصنع وظائف لنساء بلدته , استمر في العمل الدؤوم وإنتاج تصاميم جديدة وبيعها في فترات قصيره بمساعدة من زوجته روزاليا ميرا , التي كانت من أكبر الدافعين والداعمين له في مسيرته التجارية , و تمكن بفضلها من تطوير نفسه أكثر فأكثر, ليتخصص في مجال تصميم الأزياء النسائية والرجالية على حد سواء. وفي سنة 1975 قرر أورتيجا إنشاء العلامة التجارية الخاصة به , في البداية قرر أن يسميها زوربا , ولكن بسبب أن كان بالقرب منه ملهى ليلي بنفس الاسم , فقرر أن يغير الاسم من زوربا الى زارا , وفي هذا اليوم ولد اسم زارا , كانت استراتيجية زارا بسيطة للغاية وهي صناعة وبيع منتجات عالية الجودة بثمن معقول يستطيع الجميع شرائها , استراتيجية زارا كانت كالتالي ؛ زارا هي من تصمم وتخيط وتبيع , لهذا السبب أكثر من استفاد منه أورتيجا عندما كان يعمل في مصنع لصنع القمصان هو الخبرة , ومعلومات عن كيفية التصميم والإنتاج ثم البيع , واكتشف سرا كبيرا , اكتشف أورتيجا أن ثمن القميص الواحد تزداد بشكل كبير جدا من مرحلة لمرحلة , أي من مرحلة التصميم مثلا يكون سعر القميص 50 دولار, عندما ينتقل للانتاج يصبح ثمنه 100 دولار, وعندما يصل للمحل لكي يتم بيعه يصبح ثمنه 250 دولار, هنا اكتشف أورتيجا بأنه يجب أن لا يعتمد على أي وسيط وتوصيل المنتج من التصميم لغاية الزبون , فأصبحت شركة زارا حرفيا تقوم بكل شيء بنفسها , التصميم والخياطة والانتاج والبيع , فأصبحت التكلفة قليلا لأنه لا يوجد طرف ثالث , أي الموزع , فأصبحت كل الأرباح تدخل في خزينة الشركة , ولهذا السبب تعتبر شركة زارا شركة متكاملة أفقيا , أي أنها تتحكم في جميع مراحل المنتج , بدءا من التصميم وانتهاء بالمبيعات , فأصبحت الشركة تدير ملايين من الدولارات في فترة قصيرة , وهنا فكر أورتيجا أنه حان الوقت للخروج من اسبانيا , لينجح أورتيجا في فتح أول فرع له في البرتغال في سنة 1988, وبعد سنة فقط افتتح فرع ثاني له في أمريكا وبالضبط في نيويورك , وبسبب ذكائه وعبقريته عرِف أنه لن يستطيع استهداف كل الشرائح وطبقات المجتمع بزارا لوحدها , لذلك في سنة 1985 أسس مع زوجته روزاليا مجموعة انديتيكس , ودمج فيها كل من شركة بولنبير و بيرشكا و ماسيمودوتي وزارا , وهكذا أصبحت انديتيكس هي الشركة الأم التي تضم زارا والعديد من الشركات الأخرى , لكن رغم ذلك بقيت زارا هي من تمثل أكبر نسبة من المبيعات , و أيضا أكثر ما ميز زارا عن باقي الشركات التي تصنع الملابس في العالم هي أنها كانت تستثمر في الجودة وفتح فروع جديدة أكثر من استثمارها في الاعلانات , وكان أورتيجا يعلم بأن الناس إذا وجدوا ملابس بجودة عالية و بثمن معقول سيشترونها , وثاني شيء الذي ميز زارا هي سرعة التصميم , فقد أصبحت زارا أول من تقوم بالتصميم في أسبوعين بدلا من ستة أشهر, كما هو الحال في باقي الشركات العالمية الأخرى , وكانت خطة ناجحة جدا حيث أنه كان قادرا على إيصال منتجات للمتاجر في غضون 48 ساعة فقط , وهذا رقم قياسي للشركة , وبعد أن اشتهرت انديتيكس في كل أنحاء اسبانيا , قرر أورتيجا أن يقوم بادخالها في سوق الأوراق المالية في مدريد سنة 2000 , وحدث شيء لم يتخيله حتى أمانسيو بنفسه , هو أنه في أول يوم في التداول ارتفع سهم شركة انديتيكس ب22 في المئة , فأصبح أمانسيو بين يوم وليلة من بين أثرى أثرياء اسبانيا , والنقطة الغريبة هي أنه لم يكن يعلم , لم يكن يعلم أنه من أثرياء اسبانيا , هو لم يعلم الا من بعد أن قرأ مجلة فوربز ليجد نفسه على صفحة المجلة وهو من بين أثرياء اسبانيا , وقال أمانسيو بالحرف ؛ لم أنتبه لحجم ثروتي حتى قرأت في مجلة فوربز الأمريكية أنني أصبحت أثرى رجل في اسبانيا , و ثامن أغنى رجل في العالم , وحسب مجلة فوربز الآن تمتلك زارا أكثر من 3000 متجر في 96 دولة , وتعد اسبانيا أكبر سوق ب 547 متجر وتليها الصين ب 229 متجر وفرنسا ب 145 متجر وروسيا ب 144 متجر وايطاليا ب 134 متجر, وتوظف لديها أكثر من 176 ألف موظف , أي أنها تمتلك جيش , وفي سنة 2015 تم وضع زارا في قائمة أفضل 30 ماركة عالمية. وأصبح أمانسيو أورتيجا من طفل أو شاب تطلب أمه من صاحب المحل أن يقرضها بعد المال لتطعيم أبنائها ومن عاملة و خادمة في البيوت الى سادس أغنى رجل في العالم بثروة تقدر ب 67 مليار دولار, ورغم أن أورتيجا يعتبر من بين أغنى أغنياء العالم إلا أنه في الحقيقة نادرا ما يظهر في اللقاءات الصحفية , ويحاول دائما الابتعاد عن الأضواء والشهرة. |
تعليقات
إرسال تعليق