- لماذا يعتبر الضوء في الفراغ أسرع شيء في الكون تم قياسه ؟
الى هذه اللحظة التي أدون فيها هذه التدوينة , ما زال الضوء هو أسرع شيء تم قياسه في الكون , بسرعة 299 مليون و 792 ألف و 458 متر لكل ثانية , أي 300 ألف كلمتر في الثانية , أي مليار و 800 مليون كيلومتر في الساعة , وإذا فكرت في هذا الرقم لدقيقة , فهذا الرقم خيالي جدا , وعن هذا الثابت الفيزيائي نشأت عدة نظريات وفرضيات علمية ودراسات فيزيائية وأخرى كيميائية , المهم كانت حجر أساسي في عدة أبحاث , ومن بين هذه النظريات التي نشأت على هذا الثابت وهو ثبات سرعة الضوء نظرية النسبية مثلا , لكن طبعا قد يسأل البعض كيف استطاع البشر قياس سرعة الضوء ؟ مليار و800 مليون كيلومتر في الساعة كيف حسبوها ؟ ما هي الطريقة المستعملة والتجربة المستعملة ؟ ومن هو أول من حاول قياس سرعة الضوء ؟
- العلماء الذين خاولوا قياس سرعة لاضوء ;
تاريخيا أول من حاول قياس سرعة الضوء هو الإيطالي غاليليو , في الفترة التي عاش فيها غاليليو , اعتقد غالبية الناس والعلماء أن سرعة الضوء لا نهائية , وطبعا جاليليو كان غير موافق , وكما العادة كان دائما يسير عكس التيار , كان يعتقد أن سرعة الضوء ليست لا نهائية , وعليه في سنة 1638 فكر في فكرة ما , هذه الفكرة يستطيع أن يقيس بها سرعة الضوء , فماذا فعل جاليليو , كان لديه اثنين من أصدقائه وعرض عليهم فكرة قياس سرعة الضوء , فسألوه يا عم جاليليو وما هي هذه الفكرة ؟ كيف سنفعل ذلك , فقال لهم ببساطة كل واحد فيكم سيذهب الى هضبة ويصعد فوقها , وستكون المسافة بينكما كيلومترين , وسأعطي لكل واحد منكما مصباح يحمله على يده , وهذا المصباح ستغطيانه بيدكم , وبالفعل هذا ما فعلاه , كل منهما ذهب وصعده فوق التلة المقصودة ,أو الهضبة المقصودة , فقال لأحدهما ؛ عندما أعطيك الأشارة سترفع يدك من على المصباح , فقال للآخر؛ عندما يرفع الأول يده من المصباح وترى الضوء أنت كذلك مباشرة ارفع يدك على المصباح , مباشرة بعد أن طبقوا هذه التجربة , حاول غاليليو حساب المدة الزمنية التي قطعها الضوء في المسافة بين الهضبتين وبين المصباحين من اللحظة التي رفع فيها الأول يده عن المصباح , واللحظة الثانية التي رفع فيها الشخص الآخر يده عن المصباح , وبعد الكثير من الحسابات استنتج غاليليو بأن الضوء قطع تلك المسافة في صفر ثانية , طبعا نتائج جاليليو كانت خاطئة بسبب عدم وجود إمكانيات تكنولوجية تساعد في ذلك , وكل ما كان يستعمله هو أدوات بدائية.
و في سنة 1676 , حاول العالم الفلكي الدنماركي أوول رومر أن يجرب من جديد قياس سرعة هذا الشيء العجيب , الضوء , فكيف فعل ذلك ؟
في أحد المرات كان يراقب بالتلسكوب في السماء , لاحظ شيء غريب نوع ما , الشيء الذي كان يراه هو خسوف أحد أقمار المشتري , هذا القمر الذي يسمى ب آيو , وقام بحساب المدة الزمنية بالضبط لحدوث هذا الخسوف , لكن تبين أن موعد الخسوف تأخر ب 22 دقيقة , هنا بدأ يفكر ولاحظ شيئا آخر جعله يشك أكثر, هذا الشيء هو أن هذا التأخر ب 22 دقيقة الذي يحدث في الخسوف يحدث فقط عندما تكون الأرض بعيدة في مدارها عن المشتري , والتأخر يقل عندما تكون الأرض أقرب في مدارها للمشتري , واستنتج الرجل الذكي بأنه لا حل لهذه المعضلة الغريبة الا حل واحد , وهو أن الضوء يجب أو محتم عليه أن يقطع مسافة ووقت لكي يصل الينا من خسوف قمر المشتري , فعلميا وتطبيقيا إذا أخذنا في الاعتبار أن قطر الأرض حول الشمس هي 300 كلم والضوء يقطع 300,000 كلم في الثانية , إذن لكي يصل الضوء من خسوف قمر المشتري إلى الأرض يحتاج ألف ثانية أي 17 دقيقة , لكن بسبب أنه لم يكن يعرف أن سرعة الضوء هي 300,000 كلم في الثانية وكان يعتقد أنها فقط 200 ألف كيلومتر, قام بعمل حسابات وخرج بأن المدة الزمنية التي يحتاجها الضوء لكي يصل الينا هي 22 دقيقة , بينما المدة الزمنية الصحيحة هي 17 دقيقة , لكن هي محاولة جيدة ليس هناك فرق كبير بين 22 دقيقة و 17 دقيقة.
فضول العلماء لم يتوقف , فضول الإنسان تماما ,تماما كذلك الطفل الصغير الذي يكاد أن يقتل أبويه بالأسئلة , فالإنسان يريد أن يعرف سرعة هذا الشيء العجيب الذي هو الضوء , يريدون معرفة المدة الزمنية والمسافة الصحيحة والدقيقة , ولذلك في سنة 1849 ظهر العالم الفرنسي فيزو بتجربة غريبة , هذا العالم اعتمد أيضا في تجربته على التجربة الأولى لغاليليو , لكن هذه المرة باستعمال أدوات جديدة , قام باستعمال المرايا , كان في ذلك الوقت اختراع المحركات هو أيضا ساعد في ذلك , كانت التجربة بسيطة للغاية , حيث قام فيزو بإطلاق شعاع من الضوء تجاه مرآة بعيدة بثمان كيلومترات , لينعكس الضوء او الشعاع على المرآة ثم يعود مجددا من حيث أطلقه , لكن عندما يكون الضوء عائدا من انعكاسه على المرآة سنضع عائق في طريق هذا الضوء , وذلك العائق الذي سنضعه هو عجلة بمسننات أو كما نقول لها التروس , تماما كالذي يكون في المحركات أو حتى في الساعة من الداخل , وتلك العجلة المسننة تدور بواسطة محرك , فعندما يكون الضوء عائدا من انعكاسه على المرآة فاما سيصطدم بالسن واما سيدخل بين السن , فبهذه الطريقة الذكية والعبقرية استطاع فيزو قياس سرعة هذا الضوء , وقدر بأنها حوالي 186 ألف ميل لكل ثانية.
ثم في نهاية عام 1887 استطاع الأمريكيين ميكلسون ومورلي من اختراع جهاز غاية في الدقة , لقياس سرعة الضوء , وكان هذا الجهاز هو تقريبا نفس فكرة فيزو, لكن بطريقة أخرى , الاختلاف كان فقط في الأدوات المستعملة نسبيا , بواسطة هذا الجهاز الذي اخترعوه , تمكنوا من قياس سرعة الضوء بشكل دقيق جدا , هذه التجربة لم تحدد وتقس سرعة الضوء فقط , بل كانت هي الحجر الأساسي بواحدة من النظريات التي غيرت تفكيرنا بالكامل للفيزياء , نعم هي نظرية النسبية لأينشتاين , النقطة التي جعلت أينشتاين لا ينام بسببها هي كيف أن سرعة الضوء ثابتة رغم تحرك المصدر, أي مثلا لو كنت تركب في سيارة سرعة هذه السيارة هي 300 ألف كيلومتر في الثانية أي سرعة الضوء , وقمت بإشعال أضواء السيارة أي أن سرعة الأضواء أيضا ستكون سرعتها 300 ألف كيلومتر في الثانية و المفروض أن ذلك الضوء الذي يخرج من السيارة المفروض أن تكون سرعته 600,000 كلم في الثانية , لكن الذي يحدث هو العكس يظل الضوء بنفس سرعته رغم تحرك المصدر, وبسبب هذه النقطة ايضا حاز ميكلسون ومورلي على جائزة نوبل للفيزياء , وكان ذلك في سنة 1907 , ومنذ أن خرج أينشتاين نظريتة التي تنص على أن أقصى سرعة في الكون هي سرعة الضوء , وأي كائن كيفما كان هذا الكائن أو جسيم أو أي شيء ما دام أن لديه كتلة من المستحيل أن يصل لسرعة الضوء أو يتخطاها , والسبب أنه سيحتاج لطاقة لا نهائية للوصول لتلك السرعة الرهيبة , لكن ماذا لو استطاع جسم أن يصل لسرعة أكبر من سرعة الضوء , طيب لو حصل هذا الأمر هنا سندخل في الخيال العلمي لأنه حسب نظرية أينشتاين أي شيء يفوق سرعة الضوء سيستطيع السفر عبر الزمن , وبالتحديد للماضي أي أنك ستسافر اليوم وتعود في البارحة , واذا سافر شخص أو شيء للماضي هنا سندخل في مصيبة , هذه المصيبة هي تدمير قاعدة أساسية في الحياة وهي مبدا السببية , والتي هي باختصار أن السبب يسبق الأثار أي أنه منطقيا أولا يجب أن أحمل السكين وأجرح الوجه ثم بعدها يسيل الدم وليس العكس , مثلا عندما تضع القدم على الأرض بعد أن ترفعها سيظهر الأثر, وليس العكس أن يظهر الأثر هو الأول واذا تدمرت هذه القاعدة بسبب وجود جسيم قادرعلى أن يتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء , سيصبح الأثر يسبق السبب وكل شيء عند ذلك سيصبح بالمقلوب , ربما الآن تريد أن تعرف هل هناك شيء يستطيع أن يتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء ؟ ليس أنت الوحيد الذي حاول أن يعرف , هناك بعض العلماء حاولوا أن يقوموا بتجربة وبالفعل قاموا بها , لقد حاول العديد من العلماء القيام بتجربة في مختبر المنظمة الأوروبية للبحث النووي , قاموا بإطلاق كمية من النيوترينوس في نفق , هذا النفق مسافته هي 750 كيلومتر وبالمناسبة هو نفق تحت الأرض موجود بين سويسرا وايطاليا , فقاموا بحساب المدة الزمنية التي قطعت هذه الجسيمات فتبين لهم أن النيوترينوس استطاعت أن تسافر أسرع من الضوء بنسبة 60 جزء من المليار من الثانية , طبعا الجميع شعر بالصدمة في ذلك الوقت لأنه هذا الشيء يعني أن نظرية النسبية تدمرت , وبتدمر نظرية النسبية فالكثير من النظريات العلمية والفيزيائية ستنتهي أيضا , هذه التجربة تعرضت للكثير من الانتقادات والانتقادات الشديدة من الكثير من العلماء , حتى تقرر فريق من العلماء الأخرين أن يقوموا بتجربة أخرى , هذه المرة على سبع جسيمات من النيوترينوس , بعدها يرو هل تجربة أوبرا صحيحة أم لا , الشيء الذي خرجوا به بالإجماع أن تجربة أوبرا خاطئة , ونيوترينوس لم يستطيع أبدا أن يسبق سرعة الضوء , إذن معادلة أينشتاين مازالت حية وصحيحة , وقالوا بأن السبب الذي جعل أولئك العلماء يقولون بأن النيوترينوس استطاع أن يسبق سرعة الضوء , هو خلل في الساعة التي قامت بحساب المدة الزمنية , وهذه الساعة كانت متأخرة ب 15 نانوساكنت وأيضا وجدوا خلل في الرابط بين الحواسيب وأجهزة الجي بي اس , وبعد ذلك اعترف الفريق القائم على تجربة أوبرا بالمؤتمر الفلكي للفيزياء الفلكية وفيزياء نيوترينو بأن سرعة النيوترينوس فعلا تتماشى مع سرعة الضوء ولم تسبقه.
تعليقات
إرسال تعليق